• نقابة المحامين في طرابلس - لبنان

محاضرة لعميد معهد العلوم السياسية في جامعة الجنان المحامي الدكتور أمين صليبا بعنوان " آلية الطعن بدستورية القوانين وبنتائج الانتخابات النيابية والرئاسية "

22/01/2025

برعاية نقيب المحامين في طرابلس سامي مرعي الحسن، نظم مركز التدرج والتدريب في النقابة محاضرة ألقاها عميد معهد العلوم السياسية في جامعة الجنان المحامي الدكتور أمين صليبا بعنوان " آلية الطعن بدستورية القوانين وبنتائج الانتخابات النيابية والرئاسية "، وذلك بحضور مدير المركز الدكتور محمد ملص وأعضاء الهيئة الإدارية للمركز وعدد من المحامين ومحامين متدرجين، وذلك في القاعة الوسطى في النقابة.

البداية بكلمةٍ ترحيبية ألقاها عضو الهيئة الإدارية للمركز الأستاذ طنزس فرنجية جاء فيها:" يُعَدُّ المجلسُ الدستوري واحدًا من أبرز الإصلاحات الدستورية التي تضمنها اتفاقُ الطائف، إن لم يكنْ أبرزَها على الإطلاق. ذلك أن الدستور اللبناني القديم بجميع تعديلاته المتعاقبة لم يلحظ وجود هذه الهيئة ذاتِ الدور المرجعيٍّ في بناء الدولة الحديثة. ومن المعلوم أن اختصاص المجلس الدستوري في لبنان يشمل النظر في نوعين من الطعون: الطعن بدستورية القوانين، والطعن في نتائج الانتخابات الرئاسية والنيابية. علمًا أن هناك اختصاصًا ثالثًا انتُزِعَ منه، هو لناحية تفسير الدستور، التي أعيدَت إلى المجلس النيابي، وهذه مسألة لا تستقيم، باعتبار أن المجلس النيابي يتألف عادة من قوى سياسية تتنافسُ فيما بينها، فلم يكن من الجائز تخويله تفسير الدستور، لأن الهوى الحزبي والسياسي دائمًا ما يكون غالبًا عند التفسير، وهذا ما شهدناه كثيرًا في ظلّ الأزمات الدستورية المتتالية، اليوم نستضيف الزميل العميد البروفسور أمين وهو مرجع دستوري معروف في لبنان والعالم العربي، منذ أن صار عميدًا متقاعدًا في قوى الأمن الداخلي حتى أصبح عميدًا لمعهد العلوم السياسية وحقوق الانسان في جامعة الجنان في طرابلس. وما بين العِمادتين.... معمودياتٌ له كثيرةٌ في جُرْنٍ مليءٍ من حبر الدستور والقوانين، كان فيها كلِّها أستاذًا جامعيًّا وباحثًا قانونيًّا وكاتبًا لمقالات، وفوق هذا كله محاميًا صاحب باع طويل في القضايا الإدارية والدستورية".

ليبدأ بعدها العميد صليبا محاضراته، شاكراً بدايةً النقيب الحسن ومجلس النقابة والهيئة الإدارية للمركز على هذه الإستضافة.

وتابع متحدثاُ عن مبدأ الرقابة على دستورية القوانين الذي أُقرَّ بموجب وثيقة الوفاق الوطني في الطائف وفق نص القانون الصادر في 22/10/1989، حيث جاءت الفقرة (ب) من الفقرة 3 من بند الاصلاحات الأخرى،لتؤكد على وجوب إنشاء مجلس دستوري لهذه الغاية، وكانت الوثيقة يومها تُشير الى صلاحية هذا المجلس بتفسير الدستور،لكن هذه الصلاحية حُذِفت لاحقاً من قانون إنشاء المجلس الدستوري، حيث تمَّ تعديل الدستور عام 1990 وأصبح نص المادة 19 منه كالآتي:
يُنشأ مجلس دستوري لمراقبة دستورية القوانين والبت في النزاعات والطعون الناشئة عن الانتخابات الرئاسية والنيابية،يعود حق مراجعة هذا المجلس في ما يتعلق بمراقبة دستورية القوانين الى كل من رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب ورئيس مجلس الوزراء أو الى عشرة اعضاء من مجلس النواب،والى رؤساء الطوائف المعترف بها قانوناً في ما يتعلق حصراً بالأحوال الشخصية،وحرية المعتقد وممارسة الشعائر الدينية وحرية التعليم الديني، على أن تحدد قواعد تنظيم المجلس واصول العمل فيه وكيفية تشكيله ومراجعته بموجب قانون، وبتاريخ 14/7/1993 صدر القانون رقم 250 (إنشاء المجلس الدستوري) الذي تم تعديله 6 مرات خلال 15 سنة، والنظام الداخلي للمجلس الدستوري الذي صدر بموجب القانون رقم 243 بتاريخ 7/8/2000.حيث أن هذين القانونين يحددان كافة الأمور التنظيمية للمجلس الدستوري،وشروط العضوية وآلية الطعن بدستورية القوانين وكذلك الطعن بصحة الإنتخابات النيابية والرئاسية،حيث جاء النظام الداخلي ليسد بعض الثغرات في القانون رقم 250."

ثم تحدث عن كيفية تشكيل المجلس الدستوري من عشرة اعضاء مناصفة بين المسيحيين والمسلمين،خمسة ينتخبهم المجلس النيابي وخمسة يعينهم مجلس الوزراء بموجب مرسوم يحظى بغالبية ثلثي المجلس،وقد سار العرف على التوزيع التالي:
المسيحيين: 2 موارنة +2 ارثوذكس+ 1 كاثوليك.
المسلمين:2 سنة+2 شيعة + 1 درزي.
كما سار العرف على أن ينتخب الرئيس من قبل الأعضاء من الطائفة المارونية،ونائب الرئيس من الطائفة السنية.

وعن آلية الطعن بدستورية القوانين وفق احكام القانون 250 قال صليبا:"نصت المادة 18 على ان يتولى المجلس الدستوري الرقابة على دستورية القوانين والنصوص التي لها قوة القانون (القوانين المنفذة بمراسيم وفقاً لأحكام المادة 58 من الدستور). ومنعت هذه المادة كافة المراجع القضائية من النظر بهذه المسألة،وبالتالي تكون المادة 2 من ق.أ.م.م. قد الغيت عملاً بالقاعدة القانونية الخاص يُلغي العام!!!!!
طبعاً المواطن لا يحق له الطعن امام المجلس الدستوري وجاءت المادة 19 من القانون عينه لِتحدِّد مهلة الطعن ب 15 يوماً من تاريخ نشر القانون في الجريدة الرسمية،تحت طائلة ردّ الطعن شكلاً وذلك من قبل أي من الذين حدّدتهم المادة 19 من الدستور.
فور تسجيل الطعن في قلم المجلس يجتمع فوراً المجلس بدعوة من الرئيس او نائبه،ويُعيّن عضو مقرر للطعن الذي عليه أن يقدِّم تقريره الى المجلس خلال مهلة اقصاها 10 ايام من تاريخ تعيينه. عندها يلتئِم المجلس وعليه إصدار قراره بشأن الطعن خلال مهلة 15 يوماً خلال جلسة نصابها القانوني 8 اعضاء على الأقل ويُتخذ القرار بأغلبية 7 اصوات بقبول الطعن او رفضه.
هنا تجدر الإشارة الى ان الفقرة الثانية من المادة 21 التي نصّت على انه اذا لم يصدر القرار ضمن المهلة المذكورة اعلاه يعتبر النص موضوع المراجعة مقبولاً!!!
للأسف هذا النص غير موجود إلاّ في لبنان !!!
يتخذ القرار بالإبطال الكلي او الجزئي للقانون ويُنشر في الجريدة الرسمية ويُبلّغ الى السلطات الدستورية المعنية.
آلية الطعن بالأنتخابات النيابية والرئاسية امام المجلس الدستوري.
أولاً:بالنسبة الى الانتخابات النيابية:
المادة 24 من القانون 250 فرضت تقديم الطعن من المرشح الخاسر في الدائرة الانتخابية الى المجلس الدستوري خلال مهلة شهر من تاريخ إعلان نتائج دائرته الانتخابية من قبل وزارة الداخلية،موقّع منه أو من قبل محامٍ بالإستئناف بموجب وكالة رسمية تجيز له ذلك. حيث يُبلغ الطعن الى النائب المعني الذي لديه مهلة 15 يوماً للرد على الطعن بواسطة محامي.
لكن للأسف وقع المشرع في خطأ جوهري،عندما اعطى الحق لأي مرشح خاسر في الدائرة بتقديم طعن وفق ما تنص عليه المادة 46 من القانون 243 (النظام الداخلي) وهذا الخطأ لم يتم تداركه لغاية اليوم.
يتخذ المجلس قراره ب7 اصوات من اصل 8 اعضاء على الأقل في المذاكرة الأولى وإلاّ ب 6 اصوات في المذاكرة الثانية وتكون وفق الآتي:
- إبطال نتيجة الانتخاب،وتعيين المرشح الخاسر الحائز على اعلى نسبة اصوات بدلاً عنه.
- او إبطال النتيجة وإعادة الانتخابات في الدائرة المعنية.
يُبلغ القرار الى رئيس المجلس النيابي ووزارة الداخلية واصحاب العلاقة ويُنشر في الجريدة الرسمية. تجدر الملاحظة أن النائب المطعون بصحة إنتخابه يبقى يمارس دوره كنائب لحين صدور قرار المجلس الدستوري(وفق المادة 26 من القانون 250)،فيستمر أو تُبطل نتيجته ويحل نائب آخر مكانه.
طبعاً نتيجة الطعن في صحة الانتخابات النيابية تتطلب مهلة لا تقل عن 4 اشهر لأن المجلس الدستوري قد يُجري تحقيقات وسماع الشهود،سيما ان المادتين 29 و30 من القانون 250 اعطت المقرّر 3 اشهر لإنجاز تقريره وللمجلس شهر للبت بالطعن بعد ورود تقرير المُقرّر.
ثانياً: آلية الطعن بصحة الإنتخابات الرئاسية:
جاءت المادة 23 من القانون 250 والمواد 41/42/43/44. من القانون 243 لتضع الشروط التالية،فيما خص الانتخابات الرئاسية – التي تشمل بطبيعة الحال إنتخاب رئيس مجلس النواب،ورئيس الجمهورية) وذلك وفق الآتي:
يتم الطعن امام المجلس الدستوري خلال مهلة 24 ساعة من إعلان النتيجة،ويكون الطعن موقعاً من ثلث (43 نائب) النواب.
يلتئم المجلس فوراً بدعوة من رئيسه بجلسات مفتوحة ويصدر قراره في مهلة 3 ايام على الأكثر وبتصويت 7 اعضاء في المذاكرة الأولى و6 اعضاء في المذاكرة الثانية،وفي حال الإبطال تُعتبر الانتخابات كأنها لم تكن.ويُبلّغ القرار الى الرؤوساء الثلاثة.

هذا بإختصار شروط الطعن بدستورية القوانين وبصحة الانتخابات الرئاسية والنيابية،وفق تحديد القانونين 250/1993 و243/2000 وما يعتريهما من تناقضات وامور غير موجودة سوى في لبنان(المادة 21 من القانون 250).والى مخالفات عديدة،وتعدد تعديلات القانون 250 لِما فيه تأمين المزيد من السيطرة على المجلس من قبل السلطة السياسية،على امل ان يتم في المستقبل القريب إعطاء المواطن حق الدفع امام قاضي الأساس بعدم دستورية النص المُراد تطبيقه عليه اسوة بما حصل في فرنسا عندما تم تعديل الدستور عام 2008 وتمّ تطبيق آلية السؤال المسبق حول دستورية القانون ( Q.P.C).